أول من آمن
بالرسول باتفاق أهل الأرض أربعة: أول من آمن به من الرجال أبو بكر، ومن النساء
خديجة، ومن الصبيان علي، ومن الموالي زيد بن حارثة. وفي صحيح البخاري عن أبي
الدرداء رضي الله عنه قال: «كنت جالسًا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبل أبو
بكر آخذًا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما
صاحبكم فقد غامر فسلم، وقال: يا رسول الله إنه كان بيني وبين ابن الخطاب شيء
فأسرعت إليه ثم ندمت، فسألته أن يغفر لي فأبى علي، فأقبلت إليك. فقال: يغفر الله
لك يا أبا بكر ثلاثًا. ثم إن عمر ندم فأتى منزل أبي بكر فسأل: أثم أبو بكر؟ قالوا:
لا. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم عليه فجعل وجه رسول الله صلى الله عليه
وسلم يتمعر حتى أشفق أبو بكر فجثى على
ركبتيه فقال يا رسول الله: والله إنا كنت أظلم مرتين فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله بعثني
إليكم فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدق، وواساني بنفسه وماله فهل أنتم تاركو لي
صاحبي مرتين. فما أوذي بعدها».
وفي رواية:
«كانت بين أبي بكر وعمر محاورة فأغضبه أبو بكر، فانصرف عنه عمر مغضبًا، فاتبعه أبو
بكر يسأله أن يستغفر له فلم يفعل، حتى أغلق بابه في وجهه. قال: وغضب النبي صلى
الله عليه وسلم» وفيه «إني قلت: يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعًا، فقلتم:
كذبت، وقال أبو بكر: صدقت».
فهذا يبين فيه
أنه لم يكذبه قط، وأنه صدقه حين كذبه الناس طرًا، وهذا ظاهر في أنه صدقه قبل أن
يصدقه أحد من الناس الذين بلغهم الرسالة.
والناس
متنازعون في أول من أسلم فقيل: أبو بكر أول من أسلم، فهو أسبق إسلامًا من علي،
وقيل: إن عليًا أسلم قبله، لكن علي كان صغيرًا، وإسلام الصبي فيه نزاع بين
العلماء.
ولا نزاع في أن
إسلام أبي بكر أكمل وأنفع؛ فيكون هو أكمل سبقًا بالاتفاق، وأسبق على الإطلاق على
القول الآخر.
وقال الشيخ في
موضع آخر: وأما خديجة وعلي وزيد فهؤلاء كانوا من عيال النبي صلى الله عليه وسلم
وفي بيته. وخديجة عرض عليها أمره لما فاجأه الوحي وصدقته ابتداء قبل أن يؤمر
بالتبليغ، وذلك قبل أن يجب الإيمان به، فإنه إنما يجب إذا بلغ الرسالة.
وعلي يمكن أنه
آمن به لما سمعه يخبر خديجة وإن كان علي لم يبلغه. وقوله في حديث عمرو بن عبسة:
«قلت يا رسول الله: من معك على هذا الأمر؟ قال: حر وعبد، ومعه يومئذ أبو بكر وبلال
ممن آمن به» موافق لهذا. أي: اتبعه من المكلفين المدعوين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق